واليكم شخصيه سيف الله المسلول الصحابي الجليل سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه وارضاه
رغم انف الحاقدين والكلاب والسافلين
واستحلفكم بالله العظيم رب العرش العظيم ان تقرأوه
ارجوكم ان تقرأوه ووالله لن اختصر جمله من تاريخه لان الكلام مهما طال لن يوفي حقه
ووالله ان عيني دمعت عند كتابه الموضوع حسرة علي الاسلام
************************************************** ***
تعالوا لنعيش اليوم مع علم من اعلام الجهاد إنه عالم وحده فى فن القيادة وإدارة الحروب إنه قائد المجاهدين وأستاذ فن الحروب والميادين الفاتك بالمسلمين يوم أحد، والفاتك بأعداء الإسلام بقية الأيام، إنه فارس الإسلام والمسلمين إنه سيف من سيوف رب العالمين بشهادة سيد المرسلين، إنه ترياق وساوس الشياطين بشهادة الصديق الأمين إنه الفارس الرشيد، إنه البطل العنيد إنه خالد ابن الوليد.
ماذا يعرف شبابنا عن خالد؟ بل وماذا تعرف الأمة عن خالد فى زمن تعلم فيه أولادنا وأبناؤنا فى الجامعات تاريخ الأقزام بل وتاريخ المجرمين، فأولادنا الآن يعرفون بسمارك ويعرفون ستالين ويعرفون هتلر ويعرفون لينين ويعرفون شارون ويعرفون كل المجرمين من القادة الخبثاء.
فماذا يعرف شبابنا عن قائد القادة وأستاذ فن الحروب الذى وقف القادة أمام مورد خالد الخالد لينهلوا منه فن القيادة وإدارة الحروب ماذا يعرف شبابنا عن خالد فى زمن يتربى فيه أولادنا على سير الساقطين وأحوال الهابطين ممن يقدمون الآن لأولادنا ليكونوا القدوة والمثال.
خالد بن الوليد نشأ فى بيئة غنية مترفة فلك أن تعلم أيها الأخ الفاضل أن والد خالد هو الوليد بن المغيرة الذى كان أغنى أبناء زمانه بلا نزاع فهو الذى توعده الله فى قرآنه بسورة المدثر بقوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (11 ، 17) سورة المدثر
إلى أخر الآيات من هذا الرجل إنه والد خالد بن الوليد، الوليد بن المغيرة فى هذه البيئة الغنية نشأ خالد لكنه راض وعود نفسه على الرجولة والفروسية والخشونة والبطولة، فكان يترك هذه البيئة، ليركب فرسه وجواده ليشق به الوديان وليصعد به الجبال والقمم حتى صار فارساً لا يشق له غبار إلا أنه فى الوقت ذاته ورث الكره الشديد للإسلام عن أبيه فخالد هو قائد الميمنة فى غزوة أحد هو الذى باغت الرماة الذين خالفوا أمر رسول الله مباغتة أذهلتهم بل وأذهلت المسلمين بل وتشتت الجمع والشمل وتحول النصر إلى هزيمة حتى جرح المصطفى وشق وجهه وكسرت رباعيته ودخلت حلقات المغفر فى وجهه الشريف .
جديداً مع المصطفى وأصحابه فى المدينة وانظر إلى فضل الله على خالد بعد ثلاثة أشهر فقط، أو أقل يخرج خالد بن الوليد للمرة الأولى جندياً فى كتائب التوحيد والإيمان بعد أن كان من ثلاثة اشهر فقط قائداً من قواد جيش الشرك والضلال إلى أين لمناطحة الصخور الصماء.. أين فى بلاد الشام فى غزوة مؤتة لمقابلة الروم الى يغبرون من آن لآخر على حدود الدولة الإسلامية.
وأمر سيد البشرية الجيش أن يذهب إلى هناك ليؤدب الروم والقبائل التى والت الروم، وقام المصطفى بنفسه ليختار قواد الجيش الإسلامى كما فى صحيح البخارى فى كتاب المغازى من حديث ابن عمر أن النبى أمر على الجيش فى غزوة مؤته زيد بن حارثة.
أسمع للمصطفى حين قال: "إن قتل زيد فجعفر بن أبى طالب".. ما ينطق عن الهوى .. " فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة"([2]) وانطلق الجيش وحينما وصل الجيش الإسلامى الذى لا يزيد على ثلاثة آلاف
مقاتل حينما وصل الجيش الإسلامى إلى
أرض المعركة.
وجد الجيش نفسه أمام جيش جراز يزيد على مائة ألف مقاتل فتردد الصحابة فى القتال. فقال الشهيد الطيار صاحب السرير الذهبى الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة القائد الثالث لما رأى الصحابة قد ترددوا لهذه الكثرة المرعبة فى جيش الروم، فقال كلمات حركت القلوب ماذا قال عبد الله بن رواحه قال: يا قوم والله إن التى تكرهون التى خرجتم تطلبون – إنها الشهادة وما نقاتل عدونا بعتاد وعدد، وإنما نقاتل عدونا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنها إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة.
فانطلق الجيش وتلاحم الجيش الإسلامى مع جيش جرار رهيب يزيد على مائة ألف فارس، ودارت معركة رهيبة وتتابع سقوط الشهداء، وقتل القائد الأول كما أخبر الصادق الذى لا ينطق عن الهوى قتل زيد بن حارثة، وقبل ان يسقط اللواء التقطه جعفر بن أبى طالب، ولكن الروم كثرة فقطع الروم يمين جعفر فالتقط اللواء بشماله، فقطعوا شماله فالتقط اللواء وضمه بعضديه حتى لا يسقط فطعنوه فى صدره، فسقط اللواء وسقط خيار الشهداء.
لكن عبد الله بن رواحة التقط اللواء من على الأرض سريعاً ورفعه عالياً. وراح ليذكر نفسه وإخوانة بالجنة، ولكنه قتل هو الآخر، وسقط اللواء للمرة الثالثة، فأسرع على اللواء صحابى جليل مبارك إنه ثابت بن أقرم وأرضاه، فالتقط اللواء من على الأرض، وظل ينادى: يا أبا سليمان يا أبا سليمان .. من أبو سليمان غنه الفارس العنيد، إنه البطل الرشيد إنه خالد ابن الوليد: يا أبا سليمان خذ اللواء انظروا إلى أدب خالد وتواضعه قال: لا . أنت أحق به منى يا ثابت فأنت أقدم إسلاماً، وقد شهدت بدراً مع رسول الله حتى فى هذه اللحظات يعرف أهل الفضل لذوى الفضل فى ساحة الوغى، وميدان البطولة والشرف وحينما تصمت الألسنة الطويلة وتخطب السيوف والرماح على منابر الرقاب لا ينسى الفضل لأهل الفضل ذر الفضل فيقول خالد: لا. أنت أولى به منى يا ثابت، فأنت أكبر سنا منى وأنت ممن شهد بدراً مع رسول الله.
فقالت ثابت بن أقرم: لا ياخالد، والله ما أخذت اللواء إلا لك فأنت أدرى بالقتال منى ثم صرخ ثابت بن أقرم فى الجيش الإسلامى وقال: أيها المسلمون أتقبلون إمرة خالد بن الوليد، فهتف المسلمون جميعاً على لسان وقلب رجل واحد: اللهم نعم لقد رضينا إمرة خالد بن الوليد، فالتقط اللواء خالد بن الوليد واعتلى العبقرى جواده ورفع اللواء بيمينه إلى الإمام كأنما يفتح أبواباً مؤصدة مغلقة آن لها يإذن الله أن تفتح، وفى سرعة خاطفة فى ظلام الليل فعل خالد بن الوليد العجب العجاب.
لقد تولى خالد إمرة الجيش بعدما تحدد مصير المعركة بالفعل قتل القادة الثلاثة وانتهت المعركة يقيناً. وكانت المفاجأة المذهلة والكرامة الكريمة التى تنتظر عظيماً ليحققها هى أن يوقف الخسائر المذهلة فى الجيش الإسلامى، وأن يؤمن انسحاباً لأفراد الجيش بلغة العسكرين هذا قمة النصر.
وفى ظلام الليل اعتلى العبقرى بجواده ربوة عالية وألقى بعينين ثاقبتين كعينى الصقر نظرة فاحصة سريعة على أرض الميدان وعاد ليغير الموقف بأكمله فجعل الميمنة فى الجيش فى الميسرة وجعل الميسرة فى الميمنة وجعل المقدمة فى المؤخرة وقدم الساقة أى: المؤخرة إلى المقدمة، وغير الأعلام وأمر طائفة أخرى من الجيش أن تتأخر فإذا بزغ نور الصباح أمرها أن تثير غباراً وتراباً، ليتصاعد الغبار إلى عنان السماء وأمرهم أن يحدثوا صياحاً وجلبة وضجيجاً وصراخاً فلما بدأت المعركة فى الصباح رأى الروم وجوهاً غير الوجوه وأعلاماً غير الأعلام ورأوا غباراً ملأ السماء يرتفع إلى عنان السماء فظن الروم أن جيشاً ومدداً جديداً قد أتى من المدينة للجيش الإسلامى فقذف الله الرعب فى قلوبهم ففروا من الميدان واستطاع خالد بن الوليد الفارس العنيد أن يفتح ثغرة وسط هذه الكتلة الهائلة من
جيش الروم.
لقد روى البخارى أن خالد بن الوليد تحطم فى هذا اليوم فى يده تسعة أسياف، تسعة اسياف تحطموا فى يد خالد واستطاع هذا العملاق العبقرى أن يفتح ثغرة فى قلب هذا الجيش الرومى الهائل، وأن يؤمن انسحاباً للجيش الإسلامى حتى نجا بفضل الله المؤمنون ثم بعبقرية خالد.
وهنالك فى المدينة قام المصطفى الذى لا ينطق عن الهوى، فلقد أوحى الله عز وجل له ما حدث فوقف المصطفى فى المسجد وعيناه تذرفان بأبى هو وأمى وروحى ونفسى فقال كما فى صحيح البخارى من حديث أنس قال:" أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب وأخذها جعفر بن أبى طالب فأصيب وأخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم"([3]) .. فسمى المصطفى نصر خالد فتحا
" ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" .. يا لها من منقبة عظيمة كريمة جليلة يا له من نيشان يعلقه المصطفى بيده الشريفة الطاهرة على صدر خالد بن الوليد ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
وعاد خالد، ليحتل هذه المكانة المرموقة بتزكية المصطفى له، وبعد أشهر قليلة يخرج النبى قائداً للجيش الإسلامى ، لفتح مكة ليجعل النبى خالد بن الوليد قائد الميمنة كما كان قائد لميمنة قبل ذلك فى جيش الشرك، ولكنه اليوم قائد الميمنة فى جيش التوحيد بقيادة المصطفى .
وتوفى الحبيب ويتولى الخلافة أبو بكر وتهب أعاصير الردة الماكرة المجرمة الخبيثة ويقوم الصديق ذلكم الشيخ الجليل الذى ضم فى لحظات قليلة روح الشباب بين إهابه وتحولت محنة الردة بين يديه إلى منحة قام الصديق، ليجيش الجيوش وليعد ألويته بنفسه للقادة لقتال المرتدين فى أقصى الجزيرة فلقد ظهرت فتنة الردة هنا وهناك وهنالك، وقام الصديق للقضاء عليها وحينما أعطى اللواء لكل قائد أتجه نحو خالد فقط وقال الصديق لخالد: يا خالد إنى سمعت رسول الله يقول: " نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين المنافقين"([4]) .. والحديث رواه أحمد
وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح ورفع اللواء لخالد وانطلق خالد بن الوليد وبدأت معارك الردة وانطلق خالد من نصر إلى نصر ومن عزة إلى عزة ومن كرامة إلى كرامة حتى اشتعلت نار المعركة الرهيبة ألا وهى معركة اليمامة.
فلقد استطاع الدعى الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل وهو أحد القواد على الجيوش الإسلامية استطاع الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل هزيمة نكراء فأصدر الأوامر خليفة رسول الله لخالد بن الوليد أن يتجه مسرعاً لقتال مسيلمة، وهنالك جمع خالد بن الوليد الجيوش، وتولى القيادة العامة والتقى مع مسيلمة فى معركة فاصلة حاسمة إنها معركة اليمامة، ودار قتال رهيب رهيب وبالفعل تساقط كثير من قراء القرآن الكريم من أصحاب النبى وتتابع سقوط الشهداء، واعتلى العبقرى أيضاً بجواده ربوة عالية ثم عاد إلى أرض المعركة مسرعاً فنظم الصفوف وأعاد الترتيب ثم نادى بأعلى صوته فى الجيش: امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. يريد أن يكشفهم أمام أنفسهم وأمام إخوانهم ليبلى كل قائد وكل جندى بأقصى ما يملكة لدين الله.
وبالفعل سرعان ما تساقط جند مسيلمة بالمئات فمن لحظات تساقط المسلمون بالعشرات بل بالمئات كزهور حديقة غناء طوحت بها عاصفة عنيدة شديدة وبعد لحظات بفضل الله ثم بفضل خالد يتساقط جند مسيلمة بالمئات كالذباب الحقير خنقت أنفاسه نفثات مطهر مبيد وحسمت المعركة بفضل الله لخالد، وللمسلمين.
ولم يسترح خالد بن الوليد حتى أصدر الخليفة المبارك أبو بكر أوامره لقائدة المبارك أن ينطلق بعد حروب الردة انطلاقة أخرى كبيرة إلى أين؟ إلى أعظم إمبراطورية فى الشرق إنها إمبراطورية الفرس بقيادة هرمز البطل المغوار والقائد المعروف المحنك، فبدأ خالد بن الوليد معاركه الجديدة فبدأ بالعراق وبدأ المعارك بإرسال الكتب لقادة الألوية الكسروية فى العراق وتوايعها فماذا قال خالد؟
اسمع وتدبر أيها الأخ الحبيب قال خالد: بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس سلام على من اتبع الهدى وبعد فالحمد لله الذى فض وسلب ملككم، ووهن كيدكم، من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ما علينا، فإما أن تسلموا وإما الجزية، وإما الحرب وإلا فوالله لقد جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة.
ودب الرعب فى قلوب مرازبة فارس لاسم خالد. ولن أفصل فى المعارك فهذا يحتاج إلى خطب طويلة لكن على الجملة أقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد أن ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال سأكرر لمن اراد أن يراجع التاريخ اقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد ان ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال فلقد دخل خالد مع الفرس خمس عشرة موقعة لم يهزم فى موقعة واحدة بفضل الله وكان من أخطر هذه المواقع التى خاضها خالد مع الفرس موقعة ذات السلاسل وسميت بذات السلاسل، لأن الفرس من الأبطال كانوا يقيدون أنفسهم بالسلاسل خشية أن يفروا من الميدان تحت ضربات خالد الساحقة.
وأنتهت الموقعة بفضل الله بنصر كبير جديد لخالد وللجيش الإسلامى وبهزيمة منكرة لجيوش كسرى ستعجبون أن الخليفة الراشد أبا بكر وارضاه فى هذا التوقيت الذى أمر فيه خالد بن الوليد أن ينطلق إلى الإمبراطورية الفارسية كان قد أعد جيوشاً أخرى لمقاتلة الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام لقتال الروم يا له من عجب!
انظروا إلى الرجال الذين ما عاشوا من أجل العروش والكروش والفروج وعاشوا من أجل الكراسى الزائلة والمناصب الفانية بل عاشوا من أجل الله ودين الله يرسل جيوشاً أخرى فى الوقت ذاته، لقتال الروم، لقتال الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام، وقام الصديق بنفسه أيضاً ليختار قادة هذه الجيوش فاختار أبا عبيدة بن الجراح وجعل القيادة العامة فى يده واختار عكرمة بن أبى جهل، ويزيد بن أبى سفيان وعمرو بن العاص وجعل القيادة العامة لأمين الأمة أبى عبيدة وأرضاه ولكن الجيش المسلم حينما وصل إلى حدود الشام وسمع إمبراطور الشام أنه قد أرسل جيشاً لملاقاته غضب امبراطور الروم غضباً شديداً وقال كلمة خطيرة قال: والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا .. والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا.
فجيش جيشاً لملاقاة المسلمين.. تدبر الرقم يزيد عدد الجيش الرومى على مائتين وأربعين ألف مقاتل، فلما رأى القادة الموقف الرهيب، والصورة الجديدة أرسلوا رسالة بالبريد السريع ولم يكن هناك ما يعرف الآن بهذه الوسائل إنما البريد السريع هو أن يكلف رجل من الفرسان الذين يجيدون الجرى والكر فى الطرق والجبال والوديان، ليحمل رسالة مكتوبة من قائد الجيش إلى الخليفة وليرجع بأوامر الخليفة إلى القادة فأرسلوا برسالة سريعة إلى أبى بكر يخبروه بالأمر الجديد وبالجيش المقابل.
اسمع ماذا قال الصديق رداً على قول إمبراطور الروم قال: والله لأشفين وساوسهم بخالد .. والله. لأشفين وساوسهم بخالد .. فأصدر الخليفة الأمر إلى الفارس الرشيد والبطل العنيد خالد بن الوليد أن يترك العراق وينطلق مسرعاً إلى الشام، ليتولى القيادة مكان أبى عبيدة وسأقف وقفة سريعة قبل أن أصل مع خالد إلى جبهة الشام فإن خالد عبقرى من طراز فريد ومخلص لله من طراز كريم، حان عليه أول موسم للحج ظن فيه أنه يستطيع أن يؤدى الفريضة وهو فى العراق.
ففى سرية تامة ركب جواده وانطلق بسرعة البرق من أقصى العراق إلى جنوب الجزيرة فأدى فريضة الحج دون أن يعلم الخليفة أبو بكر مع أنه أمير الحج ودون أن يعلم أحد فى الجيش الإسلامى إلا الخاصة من المقربين من قواده، ودون أن يعلم أحد من الأعداء فى أسبوعين اثنين حج خالد وعاد من مكة إلى العراق، ثم أصدر إليه الأمر أن يسير ليتولى قيادة الجيوش فى الشام.
اسمع وتدبر يا شباب الصحوة، أرسل الخليفة المبارك أبو بكر رسالة إلى الأمين أبو عبيدة بن الجراح. فقال فيها : بسم الله الرحمن الرحيم من أبى بكر لأبى عبيدة بن الجراح، هكذا من أبى بكر إلى أبى عبيدة بن الجراح. سلام الله عليك وبعد : فإنى قد وليت خالد بن الوليد القيادة فى بلاد الشام فلا تخالفه واسمع له واطع والله ما وليت خالد القيادة إلا لأنى ظننت أن له فطنة فى الحرب ليست لك وأنت عندى يا أبا عبيدة خير منه أراد الله بنا وبك خيراً والسلام. , أبو بكر.
إنه التجرد إنه رجل الساعة بجدارة هو خالد فيتقدم خالد ليس المهم من يرفع الراية المهم أن تُرفع الراية، ليس المهم من يقول الحق المهم أن يُقال الحق فليرفع الراية خالد وليساعده أبو عبيدة، وليرفع الراية أبو عبيدة وليساعدة خالد ويكتب خالد بن الوليد رسالة رقراقة لطيفة لأخيه الأمين أبو عبيدة فيقول فيهاك بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد إلى أخيه الأمين أبى عبيدة بن الجراح سلام الله عليك وبعد. فإنى قد تلقيت كتاب خليفة رسول الله يأمرنى بالسير إلى بلاد الشام لتولى جندها والقيام على أمرها ووالله ما طلبت ذلك وما أردته فأنت فى موطنك الذى أنت فيه يا أبا عبيدة لا نستغنى عن مشورتك ولا عن رأيك فأنت سيدنا وسيد المسلمين أراد الله بنا وبك خيراً والسلام.
يا له من تجرد ، بهذه القلوب نصر الله الأمة بهذه القلوب المتجردة، نصر الله الأمة لكن انظروا الآن إلى حب الزعامات وحب الصدارات وحب القيادات المهم أن أقول أنا أما أنت فلا !!!! المهم أن أتصدر أنا أما أنت فلتتأخر!!! هذا هو الواقع المر الأليم، ويتنازل الأمين أبو عبيدة عن القيادة لأخيه سيف الله المسلول خالد بن الوليد وبسرعة البرق يا إخوة فى أيام لا يصدفها عقل عسكرى فضلاً عن عقل إنسان عادى، يترك خالد العراق تحت قيادة أخيه المبارك المثنى بن حارثة، لينطلق بجيشة إلى الشام فى طريق لا يسير فيه أحد أراد أن يختصر الطريق اختصاراً حتى وصل إلى إخوانه وهنالك التقى بالقادة . بأبى عبيدة وبعمرو بن العاص وبيزيد بن أبى سفيان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها القادة أيها القادة هذا يوم من أيام الله فأخلصوا جهادكم لله عز وجل فإن هذا اليوم له ما بعده فإن رددناهم اليوم وهزمناهم لم نزل نردهم ونهزمهم بقية الأيام بإذن الله. وإن هزمونا اليوم لن نفلح بعدها أبداً ، فتعالوا بنا لنتبادل الإمارة فليكن أحدنا اليوم أميراً، وليكن أحدنا فى الغد وليكن أحدنا بعد الغد حتى يتأمر الجميع إن شاء الله وأستأذنكم أن تتركوا الإمارة لى فى اليوم الأول فأذنوا له.
وقام العبقرى لينظم الجيوش وبدأ القتال بإشارة خالد الذى اعتلى جواده بعبقرية فذة نادرة وحرك اللواء وصرخ صرخة دوت فى الجيش كله وسرت القوة والحماسة فى عروقهم كسريان التيار الكهربائى فى الأسلاك وهم يسمعون خالد بن الوليد وهو يقول: الله أكبر هبى رياح الجنة .. الله أكبر هبى رياح الجنة.
وأبلى المسلمون فى هذا اليوم بلاءاً لا يستطيع أديب بليغ أن يعبر عن شئ منه فهاهم المسلمون يفعلون الأعاجيب فى هذا اليوم ها هو رجل من الصحابة ينادى فى أرض المعركة على أبى عبيدة بن الجراح ويقول: يا أبا عبيدة يا أبا عبيدة فيلتفت إليه أبو عبيدة ويقول: ما حاجتك؟ فيقول الصحابى: بل أنت هل لك حاجة أبلغها لرسول الله ، فإنى عازم اليوم على الشهادة وسألقى رسول الله اليوم فهل لك حاجة لأبلغها لرسول الله؟ فقال أبو عبيدة : نعم أقرئ رسول الله منا السلام وقل له: يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا.. وهذا عكرمة ابن أبى جهل؟ أجل أبن أبى جهل عكرمة الصحابى المبارك يصرخ فى أرض المعركة وينادى على الصحابة ويقول: يا أصحاب رسول الله من يبايع على الموت؟! من يبايع على الموت ؟! فتبايعه كوكبة من الأطهار الأبرار فيقول عكرمة: لطالما حاربت رسول الله قبل أن يهدينى الله للإسلام أأفر اليوم من الجهاد فى سبيل الله لا والله من يبايع على الموت؟! فتبايعه كوكبة أخرى .. فانطلقت هذه الكوكبة بقيادة عكرمة، لتبحث عن الشهادة لا عن النصر فصدقوا الله فصدقهم الله جل وعلا وانتهت الموقعة الحاسمة بنصر مؤزر لخالد بن الوليد وللمسلمين وفى أوج هذه الانتصارات المذهلة يموت خليفة رسول الله ويحمل البريد رسالة من الخليفة الجديد المبارك عمر بن الخطاب إلى أبى عبيدة بن الجراح، ليخبره فيها بموت خليفة رسول الله وليأمره فيها بأن يتولى القيادة من جديد.
وهنا قال الكذابون المغرضون ما قالوا فى حق عمر فقالوا: إن عمر بن الخطاب قد عزل خالد بن الوليد لضغينة قديمة فى نفس عمر نحو خالد وهذا أمر ورب الكعبة لا يليق بأحاد المؤمنين الصادقين فكيف بمن أجرى الله الحق على لسانه وقلبة بشهادة النبى الأمين؟ كيف بعمر الذى بلغ من الصدق والإخلاص والعظمة والنقاء والصفاء ما لم يستطع أديب أو عالم مبارك أن يعبر عن شئ منه؟ كيف والذى شهد بصدق عمر وبأن الله أجرى الحق على قلبه ولسانه هو المصطفى؟ كيف يقول مغرض عن عمر هذا؟ كيف يقال: بأن عمر عزل خالداً لعداوة قديمة؟
تقول كتب التاريخ التى لم تحقق كما فصلت قبل ذلك بأن عمر قد صارع خالد بن الوليد فترة الصبا فصرع خالد عمر فحملها عمر فى نفسه لخالد فلما تولى عمر الخلافة عزل خالد فى تمثيلية سخيفة لا تليق هذه المسرحية الهزلية بآحاد المؤمنين الصادقين فضلاً عن اصحاب سيد المرسلين.
وق خالد بن الوليد موقفاً، ورب الكعبة مع كل ما قدمة خالد لا أرى أعظم وأكرم وأشرف وأكبر وأطهر واجل من موقفه هذا من يوم أن أسلم إلى يوم أن مات، نعم .. يدفع أبو عبيدة الكتاب لخالد فيقرأ خالد بن الوليد الكتاب فيؤدى تحية الجندى لقائدة فى التو واللحظة، ليصير خالد بن الوليد جندياً مطيعاً، بعد أن كان بالأمس القريب قائداً كبيراً مطاعاً، إنها العظمة هؤلاء لا يعملون للكراسى ولا يعملون للمناصب وإنما يعملون لله.
وفى صحيح البخارى من حديث أبى هريرة وفيه أن المصطفى قال (ص)" طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فى سبيل الله . أشعت الرأس مغبرة قدماه إن كان فى الحراسة كان فى الحراسة وإن كان فى الساقة كان فى الساقة وإن استأذن لا يؤذن له وإن شفع لا يشفع" ([5])
رجل لا يريد منصباً سياسياً، ولا يريد طبلا أو زمراً إعلامياً إنما هو يريد رب البرية جل جلاله لا يريد بعمله إلا الله، فإن كلف القيادة فهو جندى لله وإن كلف بالجندية فهو جندى لله لا يبتغى الأجر إلا من الله فى علاه فيتنازل خالد عن القيادة لأخيه الأمين، ليصير جندياً مطيعاً بعد أن كان قائداً مطاعا.
ولنرجع إلى عمر لماذا عزلت خالداً يا عمر لماذا؟ أجب أنت فأنت متهم من الكذابين فلماذا عزلت خالد بن الوليد سيف الله المسلول؟ والجواب فى كلمات حاسمة قاطعة كالحق الذى أجرى على قلب ولسان عمر يقول: لا أمير على أبى عبيدة.. هذه هى الأولى.. لا أمير على ابى عبيده هذه مكانة أبى عبيد عند عمر فهو أمين الأمة، لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح بشهادة رسول الله .
وانظر إلى الكلمة الثانية الأخطر قال عمر: أرسل رسالة إلى الأمصار حينما بث المنافقون هذا القول فى عزل عمر لخالد فأرسل عمر كتاباً إلى الأمصار ليبين سر عزله لخالد بن الوليد فقال بعدما حمد الله وأثنى عليه: إنا لم نعزل خالد ابن الوليد لسخط أو لخيانة وإنما عزلته لأنى قد رأيت الناس قد فتنوا به وظنوا أن النصر من عنده فأردت أن أعلمهم أن النصر من عند الله وأن الله هو الصانع.. لأنى رأيت الناس بعرض فتنة.
كلمات فى عقيدة التوحيد حاسمة عمر طبيب للقلوب ومن عاش منكم مع خالد ورأى نصره المتتالى لشعر بكلمات عمر لقد ترددت الكلمات بالفعل وفتن كثير من الناس بخالد وبسيف خالد وظنوا أن النصر فى سيف خالد وبسيف خالد لا من عند رب خالد الذى يوفق خالد بن الوليد فصار الناس بعرض فتنه خطيرة على القلوب فأراد من أجرى الله الحق على قلبه ولسانه أن يربط قلوبهم بالملك {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (126) سورة آل عمران وها هو خالد ينام على فراش الموت فماذا قال خالد وماذا قيل عنه
فيا أيها الأحبة الكرام أرجو أن تركزوا معى فى هذه اللحظات الحاسمة الأخيرة من حياة عبقرى الإسلام والمسلمين خالد بن الوليد وارضاه وصلى الله على أستاذه ومعلمه، ها هو خالد ينام على فراش الموت بعيداً عن ساحة الوغى وميدان البطولة والشرف يا إلهى سبحانك فيقول خالد: والله لقد شهدت كذا وكذا زحفاً وما فى جسدى موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم او طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشى رغم أنفى كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء..
لم يقدر رب الأرض والسماء لقائد الميادين أن يموت فى الميدان بل قدر له أن يموت على فراشه، ليعلم الله جل وعلا الجبناء ممن يحرصون على الحياة بأى ثمن ولو كان على حساب الدين والعقيدة، ليعلم الله جل وعلا الذين يحرصون على الحياة بأى ثمن، ولو كان على حساب الدين والعقيدة ليعلم الله جل وعلا الذين يحرصون على الحياة التافهة الرخيصة من حياة الشهوات والشبهات ولو على حساب دين رب الأرض والسماوات أن الموت إن حان موعده لا يؤجل ولا يقدم كما قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف أينما كنت وحيثما كنت ولو كنتم فى بروج مشيدة فإن ملك الموت لا يستأذن أحداً إذا جاءه الأمر من الله نفذ لا يرهب سلطاناً ولا حاكماً ولا مالكاً يموت خالد على فراشه ويبكى وهو يردد هذه الكلمات ثم يردد كلمة التوحيد: لا إله إلا الله لا إله إلا الله وتفيض روحه الكريمة إلى خالقها وبارئها جل فى علاه ويموت عبقرى الإسلام ويموت البطل العنيد ويموت الفارس الرشيد يموت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين والمنافقين.
يموت خالد بن الوليد. إيه يا بطل غيه يا بطل كل نصر إيه يا فخر كل ليلة ها أنت ذا قد أتممت مسراك فلسيرتك المجد أبا سليمان ولذكراك الخلد يا خالد وتعالى لنودعك بهذه الكلمات الرطاب العذاب لعمر بن الخطاب الذى قال حينما سمع بموت خالد قال: والله ما عند الله لخالد خير له مما قدم ومما كان فيه ثم قال عمر: لقد عاش حميداً ومات سعيداً.. بل وما نسيه عمر وهو على فراش الموت فقيل لعمر وهو على فراش الموت، ألم تعهد .. يعنى ألم تستخلف.
فقال عمر: والله لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لوليته خلافة المسلمين فإن قدمت على ربى وسألنى: لم وليت أبا عبيدة لقلت لربى: سمعت خليلى رسول الله يقول:" لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". ([6]) .
اسمع ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته فإن قدمت على ربى وسألنى : لم وليت خالد بن الوليد؟ لقلت: سمعت رسول الله يقول:" خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين والمنافقين". ([7])
وأثر عمر أثر صحيح رواته كلهم ثقات إلا أبا العجماء من باب الأمانة العلمية وأبو العجماء مختلف فيه وثقة ابن معين وابن حبان والدارقطنى.
وهكذا يموت قائد المجاهدين وعلم فن القتال وإدارة الحروب ولميادين أرجو الله عز وجل أن أكون بسيرته قد قدمت شيئاً من العبرة والعظة وقد قدمت قدوة جليلة كريمة طيبة وأرجو الله بهذه الكلمات أن يحيى سبحانه روح الجهاد فى أمتنا بعد أن تصحح إيمانها وعقيدتها بربها إنه ولى ذلك والقادر عليه